سياسة_السحق
بقلم: عبيدة محمود ياسين
(حول أنفسنا)
______________________________________________
في الباب الأول من هذا الكتاب، لقد ذكرنا عن نظرية ابن خلدون، وأن الدولة تكبر تكبر ثم تهوي وتسقط، لكن النظريات كلها موجودة ليحل العالم البائس مشاكله التي تفسرها هذه النظريات، ولحل ما فسرته نظرية ابن خلدون على العالم أن يستحيل لغابة، تعج بالمفترسات، والضحايا هي الدول الضعيفة والتي استنزفت قدراتها.
إن الدولة التي تسيطر على العالم، وتلك التي تبرز بمظهر قوي، يحق لها ما لا يحق لغيرها، انها تمول الحروب، وتدعي عدم ذلك، وتثير الشغب، وتحاربه، واذا ما أرادت أن تجعل أحدهم ارهاباً جعلته ارهابا، وليس ذلك إلا لأنه ظهر بشكل يهدد مستقبلها، إنها سياسة السحق والحط من الخصم، وجعله دائما أقل.
لقد عاش الكوكب الأزرق حربان عالميتان في قرنه العشرين، في هذه الحروب سقطت الدولة العثمانية، حيث أدخلها الاتحاديون الى الحرب وهي ليست بقادرة عليها، ما أدى الى اقتطاع أجزاء من اراضيها بعد الحرب العالمية الأولى، بما فيها الأراضي العربية، ومنذ ذلك الحين والعرب من أكثر الشعوب المتأخرة، والتي تعاني من عدم القدرة على اللحاق بالتطور العالمي.
لقد عانى العرب من الاستعمار كثيراً ولا يزالون يعانون كذلك، إن عند العرب هبة من الله لم يحظى بها غيرهم من الشعوب، ألا وهي آبار النفط خاصة في دول الخليج، كما أن مواقع الدول العربية، الاستراتيجية، شيء مطلوب لشخص يريد أن يسيطر على العالم، لذلك كانت الدول العربية محط أنظار المستعمرين دائماً، ولا زالت.
تنوع الاستعمار في أشكاله، وهناك عدة تقسيمات منها ما يقسمه حسب الطريقة التي يتم بها، ومنها ما يقسمه الى تأثيره، ومنها ما يقسمه الى طبيعة الاستعمار، لذلك فان الاستعمار بعيداً عن الطريقة التي يتم بها واتجاها الى تأثيره يكون سياسياً واقتصاديا وثقافيا، ولكل شكل تأثير كبير على الدولة والشعب المُسْتَعْمَرْ.
وبلا شك فالاستعمار الثقافي أشد الأنواع، لأنه عبارة عن دودة تنخر في قلب التفاحة، جاعلة منها كياناً هشا يسهل اسقاطه. لإن السيطرة على ثقافة شعب هي سيطرة على كل حركاته، وهي ملكة تساعد في تحريك الشعب كتحريك حجر شطرنج ببساطة أمام خصم لا يعرف الفرق بين الفيل والجندي.
فمنذ سقطت أراضي الوطن العربي في أيادي الاستعمار، وهي تتراجع، والأسباب كثيرة، يعود الفضل فيها كلها للاستعمار... لقد تفوقت الدول الأوروبية ويمكننا أن نقول دول العالم الأول كحصر على باقي دول العالم كثيراً، لأنها حافظت ليس على تسلسل تقدمها بين الدول، بل لانها حافظت على انسحاق غيرها من الدول.
ان الدولة التي تصل للحكم، وتعمل جاهدة على أن تبقي الدول الأخرى مشغولة عن التقدم ستبقى دائماً مسيطرة، بذلك هي تتبع سياسة تغيير الفكر، وتحويل الاتجاه المنطقي لسير الاحداث، جاعلة منطقاً آخراً غير مألوف يتكلم.
لقد قسمت أيادي الحلفاء العالم بقلم على خارطة، بذلك كانت أي حركة للقلم تقرر أمرا حاسماً لا مفر منه، وقد لعبت هذه الأيدي دورها بدقة بحيث جعلت الدول تنشغل ببعضها، فهذه الدولة على خلاف مع تلك، وتلك مع تلك، ما جعلها غافلة عن سير التطور، وفي حين كانت الدول الأوروبية المستعمرة تتطور وتستعمر دولاً أخرى جاعلة منها أماكن لسفك الدماء، ما شكل عاملاً مهما في تأخر الدول المستعمرة. وحيث أن الارهاب ظهر في الدول المستعمرَة، بنسبة عالية، وربما ليس ارهاباً، بل حجة جيدة لإعادة الاستعمار بقانون ووثائق رسمية، فكما قلنا الدولة القوية تجعل فكرة النهوض فكرة ارهابية.
وقد لعبت النظرة الدونية للذات دوراً مهماً في التأخر، حيث إن هذا الأمر استفحل في الشعب العربي، ويمكنك أن تسير في الشارع، وتسمع كيف يسخر العرب من أنفسهم، مثلاً ( سنبقى عرباً) هذه وحدها كفيلة بدمار الكرة الأرضية، ليس فقط الدولة العربية وحدها.
فإن فقدان الأمل مرض يصعب علاجه، لذلك فإن الغرب أقنعنا أننا لن نتتطور أبداً، لقد نشر الطائفية بيننا، وقسم الدول العربية إلى حدود، بعد أن كانت على مدار المئات من السنين دولة واحدة، ووضع لمسته الذهبية على المناهج الدراسية جاعلاً منها مناهج حماقات، فيكفيك أن ترى كتاب الجغرافيا أو كتاب الوطنية يتدرج في تحقيق هدف صهيوني، في اثبات أن هناك دولة اسرائيلية.يمكنك أن ترى أي شاب عربي، فإن الحلم الوحيد الذي يمتلكه شباب العرب هو السفر للخارج، لأن الدول العربية لا تسمح لهم بأن يطوروا هذه البلاد، بل انها توفر لهم البطالة، وقلة المختبرات، وعدم توافر المكتبات، لذلك فإننا مستعمرون ثقافياً بشدة، جعلتنا مسحوقين جدا، بحيث أن مقدارتنا تسرق علناً دون أن نرى مساءلة والقانون معنا يخترق بسهولة.
في هذه الغابة السوداء، المليئة بالمفترسات الراقية، التي لا تحترم فرائسها، من يملك القوة كما قلنا له السيطرة، لذلك نحن نشهد ما يحدث في هذا العالم، وخصوصاً في الوطن العربي كمكان مليئ بالمصالح للدول المستعمرة، التي يقودها من وراء الكواليس الصهاينة والماسونيون، حيث إن الدولة التي تحاول أن تنهض تضرب ضربة تعيدها ألفاً من السنين للوراء.
إن سياسة الضربة ثم العطف على المضروب، سياسة رائجة في تسييس هذه القطعان الغافلة من الناس، وليس ذلك بصعب مع وجود الإعلام الفاسد، المنافق الذي يدعم من يدفع أكثر، فالعالم اليوم ما هو إلا حفرة لا يمكن أن نخرج منها إلا بسلم مكون من ما معنا من نقود، لكننا نحتاج هذه النقود لنتعامل فيما بيننا، لنأكل، لنشرب في هذه الحفرة الكبيرة، وعلى فوهة الحفرة يقف مالكو النقود يتفرجون ويزودوننا بها شيئاً فشيئاً، ويقنعون أنفسهم أنهم مليئون بالإنسانية، لأنهم جعلونا نأكل، وننسى أمر الخروج من حفرة الخدم باحثين عن لقمة العيش.
وكالعادة يتدخل العالم السفلي السري في الشعب بشتى الطرق المبيدة للمقدرات التنموية، وكأن هناك شخصان يتكلمان،
- يقول الأول: الدولة تلك فيها مشاريع جديدة ستجعل من الدولة دولة لها اقتصاد جيد.
- يرد الثاني: وإن يكن، إن قامت سنشعل فيها الثورات، سننشر الحشيش، والخمر والمخدرات، سندمر المكتبات، ونحارب الجامعات، ونفتتح الملاهي الليلية، وننشر العيون والخون، في الشوارع وفي المختبرات العلمية، الأمر بسيط كل ما في الأمر أن يد الشيطان في عالم الفرقة قوية.
وبناءً على هذه السياسة تبقى هذه الشعوب في قعر الحفرة في هذه الغابة السوداء، بين المفترسين، منهوبة حقوقها، مسلوبة مصالحها، وكل ذلك على مرأى من الآخرين الذين يخافون أن يتكلموا، حتى أن بعض الدول النامية التي تظن نفسها مستقلة، لا تزال تحت السيطرة الكاملة، وربما أضطر لأن أقول الدول العربية وأن أجزم بذلك أيضاً، فهي تقع تحت سيطرة الغرب، ولو كان ذلك بشكل غير مباشر، ذلك أن العصور الوسطى التي عاشتها أوروبا ولم نتدخل نحن بها سوى بمدها بالعلم، نعيشها نحن اليوم و أوروبا وأمريكا يقطعان العلم عنا.
هكذا هم يقتلوننا تدريجياً، مع أنني بدأت ألاحظ أن هناك متنورين متفهمين لا يقبلون بالأمر، إلا أن الأمر خارج عن طاقة بضعة أشخاص، لذلك فإن سلاحنا الوحيد الآن هو العلم والكتاب، ولنرفع راية الاسلام، وتاريخ الاسلام تاريخاً مشرفا لائقاً، بعيداً عن تفاهات الإرهاب، وتسويئ سمعة العرب والمسلمين.
لقد وصلنا إلى ما لم تصل له الأمم، واكتشفنا ما لم تكتشفه الأمم، ويمكنك أن تبحث في الكتب عرب مسلمون وغير مسلمون، مسلمون عرب وغير عرب، والكثير ممن أنجزوا ما كان له الفضل الأعظم على تطور العالم الذي نعيشه، لكن المشكلة ليست في صحة ذلك، فذلك صحيح – أي وجود علماء العرب القدماء- لكن المشكلة في أننا من درجة تفاهتنا أصبحنا نقنع أنفسنا أنه لم يكن هناك يوماً عالم عربي، فلقد أنكرنا هويتنا، هناك الكثير من العلماء العرب الذين ربما لم تسمع عنهم، الكثير الكثير، منهم على سبيل المثال من لم تعرفهم البغدادي، البتاني، وكثر كثر، ومهما ذكرنا هناك الكثير الذين لم نعرف عنهم بعد وربما لن نعرف لما نحن فيه من مصيبة كبيرة يخر لها عظم الفاهمين ويبيض شعرهم.
يمكنك أن تنظر كيف تفرقنا، وهذه سياسة فرق تسد، لا تسود الفرقة، بل تسود الجمعة، لذلك فإن بقاءنا متيقنين بأننا ننخدع، أمر مفيد، فعصفور باليد ولا عشرة على الشجرة، لأن هذه المعرفة وحدها تجبرنا على العمل.
فإنه من جد وجد، ومن سار على الدرب وصل، فعلينا أن نعرف ما لنا وما علينا، وأن ندرس اللعبة التي تدور حولنا، جاعلين من أنفسنا قوة لا يتحكم الغرب بها، انهم يدمروننا ويدينون فعلتهم، والعالم يصدق، علينا أن نعمل بكامل جهودنا، علينا أن نبدأ باستغلال الموارد البشرية، والموارد الطبيعية، وأن لا نصمت على هذه الأمور الفاسدة. فأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان فاسد.
ولعل هذه الأبيات التي كتبتها تصور بعض الأحداث:
بدمشق يا ولدي المآذن أغلقت
وعلى ضفاف النيل ناس فرقت
وإلى العراق بلادها قد خربت
والأرض في صنعاء ست قد غدت
وهنا هي الخرطوم قسمان استوت
لكن هنا الترقيم يوماً ما ثبت
أبكي على بغداد إرثي إذ هوت
والغرب من خلفي يغني في شمت
آه على قدسي الجذور تحطمت
والأرض من تحت المساجد شققت
والقاهرة الأرض الكريمة سممت
فيها الجموع تفككت واستهلكت
(شعر عبيدة محمود ياسين)
_______________________________
تابعونا على نافذة علم
بقلم: عبيدة محمود ياسين
(حول أنفسنا)
______________________________________________
في الباب الأول من هذا الكتاب، لقد ذكرنا عن نظرية ابن خلدون، وأن الدولة تكبر تكبر ثم تهوي وتسقط، لكن النظريات كلها موجودة ليحل العالم البائس مشاكله التي تفسرها هذه النظريات، ولحل ما فسرته نظرية ابن خلدون على العالم أن يستحيل لغابة، تعج بالمفترسات، والضحايا هي الدول الضعيفة والتي استنزفت قدراتها.
إن الدولة التي تسيطر على العالم، وتلك التي تبرز بمظهر قوي، يحق لها ما لا يحق لغيرها، انها تمول الحروب، وتدعي عدم ذلك، وتثير الشغب، وتحاربه، واذا ما أرادت أن تجعل أحدهم ارهاباً جعلته ارهابا، وليس ذلك إلا لأنه ظهر بشكل يهدد مستقبلها، إنها سياسة السحق والحط من الخصم، وجعله دائما أقل.
لقد عاش الكوكب الأزرق حربان عالميتان في قرنه العشرين، في هذه الحروب سقطت الدولة العثمانية، حيث أدخلها الاتحاديون الى الحرب وهي ليست بقادرة عليها، ما أدى الى اقتطاع أجزاء من اراضيها بعد الحرب العالمية الأولى، بما فيها الأراضي العربية، ومنذ ذلك الحين والعرب من أكثر الشعوب المتأخرة، والتي تعاني من عدم القدرة على اللحاق بالتطور العالمي.
لقد عانى العرب من الاستعمار كثيراً ولا يزالون يعانون كذلك، إن عند العرب هبة من الله لم يحظى بها غيرهم من الشعوب، ألا وهي آبار النفط خاصة في دول الخليج، كما أن مواقع الدول العربية، الاستراتيجية، شيء مطلوب لشخص يريد أن يسيطر على العالم، لذلك كانت الدول العربية محط أنظار المستعمرين دائماً، ولا زالت.
تنوع الاستعمار في أشكاله، وهناك عدة تقسيمات منها ما يقسمه حسب الطريقة التي يتم بها، ومنها ما يقسمه الى تأثيره، ومنها ما يقسمه الى طبيعة الاستعمار، لذلك فان الاستعمار بعيداً عن الطريقة التي يتم بها واتجاها الى تأثيره يكون سياسياً واقتصاديا وثقافيا، ولكل شكل تأثير كبير على الدولة والشعب المُسْتَعْمَرْ.
وبلا شك فالاستعمار الثقافي أشد الأنواع، لأنه عبارة عن دودة تنخر في قلب التفاحة، جاعلة منها كياناً هشا يسهل اسقاطه. لإن السيطرة على ثقافة شعب هي سيطرة على كل حركاته، وهي ملكة تساعد في تحريك الشعب كتحريك حجر شطرنج ببساطة أمام خصم لا يعرف الفرق بين الفيل والجندي.
فمنذ سقطت أراضي الوطن العربي في أيادي الاستعمار، وهي تتراجع، والأسباب كثيرة، يعود الفضل فيها كلها للاستعمار... لقد تفوقت الدول الأوروبية ويمكننا أن نقول دول العالم الأول كحصر على باقي دول العالم كثيراً، لأنها حافظت ليس على تسلسل تقدمها بين الدول، بل لانها حافظت على انسحاق غيرها من الدول.
ان الدولة التي تصل للحكم، وتعمل جاهدة على أن تبقي الدول الأخرى مشغولة عن التقدم ستبقى دائماً مسيطرة، بذلك هي تتبع سياسة تغيير الفكر، وتحويل الاتجاه المنطقي لسير الاحداث، جاعلة منطقاً آخراً غير مألوف يتكلم.
لقد قسمت أيادي الحلفاء العالم بقلم على خارطة، بذلك كانت أي حركة للقلم تقرر أمرا حاسماً لا مفر منه، وقد لعبت هذه الأيدي دورها بدقة بحيث جعلت الدول تنشغل ببعضها، فهذه الدولة على خلاف مع تلك، وتلك مع تلك، ما جعلها غافلة عن سير التطور، وفي حين كانت الدول الأوروبية المستعمرة تتطور وتستعمر دولاً أخرى جاعلة منها أماكن لسفك الدماء، ما شكل عاملاً مهما في تأخر الدول المستعمرة. وحيث أن الارهاب ظهر في الدول المستعمرَة، بنسبة عالية، وربما ليس ارهاباً، بل حجة جيدة لإعادة الاستعمار بقانون ووثائق رسمية، فكما قلنا الدولة القوية تجعل فكرة النهوض فكرة ارهابية.
وقد لعبت النظرة الدونية للذات دوراً مهماً في التأخر، حيث إن هذا الأمر استفحل في الشعب العربي، ويمكنك أن تسير في الشارع، وتسمع كيف يسخر العرب من أنفسهم، مثلاً ( سنبقى عرباً) هذه وحدها كفيلة بدمار الكرة الأرضية، ليس فقط الدولة العربية وحدها.
فإن فقدان الأمل مرض يصعب علاجه، لذلك فإن الغرب أقنعنا أننا لن نتتطور أبداً، لقد نشر الطائفية بيننا، وقسم الدول العربية إلى حدود، بعد أن كانت على مدار المئات من السنين دولة واحدة، ووضع لمسته الذهبية على المناهج الدراسية جاعلاً منها مناهج حماقات، فيكفيك أن ترى كتاب الجغرافيا أو كتاب الوطنية يتدرج في تحقيق هدف صهيوني، في اثبات أن هناك دولة اسرائيلية.يمكنك أن ترى أي شاب عربي، فإن الحلم الوحيد الذي يمتلكه شباب العرب هو السفر للخارج، لأن الدول العربية لا تسمح لهم بأن يطوروا هذه البلاد، بل انها توفر لهم البطالة، وقلة المختبرات، وعدم توافر المكتبات، لذلك فإننا مستعمرون ثقافياً بشدة، جعلتنا مسحوقين جدا، بحيث أن مقدارتنا تسرق علناً دون أن نرى مساءلة والقانون معنا يخترق بسهولة.
في هذه الغابة السوداء، المليئة بالمفترسات الراقية، التي لا تحترم فرائسها، من يملك القوة كما قلنا له السيطرة، لذلك نحن نشهد ما يحدث في هذا العالم، وخصوصاً في الوطن العربي كمكان مليئ بالمصالح للدول المستعمرة، التي يقودها من وراء الكواليس الصهاينة والماسونيون، حيث إن الدولة التي تحاول أن تنهض تضرب ضربة تعيدها ألفاً من السنين للوراء.
إن سياسة الضربة ثم العطف على المضروب، سياسة رائجة في تسييس هذه القطعان الغافلة من الناس، وليس ذلك بصعب مع وجود الإعلام الفاسد، المنافق الذي يدعم من يدفع أكثر، فالعالم اليوم ما هو إلا حفرة لا يمكن أن نخرج منها إلا بسلم مكون من ما معنا من نقود، لكننا نحتاج هذه النقود لنتعامل فيما بيننا، لنأكل، لنشرب في هذه الحفرة الكبيرة، وعلى فوهة الحفرة يقف مالكو النقود يتفرجون ويزودوننا بها شيئاً فشيئاً، ويقنعون أنفسهم أنهم مليئون بالإنسانية، لأنهم جعلونا نأكل، وننسى أمر الخروج من حفرة الخدم باحثين عن لقمة العيش.
وكالعادة يتدخل العالم السفلي السري في الشعب بشتى الطرق المبيدة للمقدرات التنموية، وكأن هناك شخصان يتكلمان،
- يقول الأول: الدولة تلك فيها مشاريع جديدة ستجعل من الدولة دولة لها اقتصاد جيد.
- يرد الثاني: وإن يكن، إن قامت سنشعل فيها الثورات، سننشر الحشيش، والخمر والمخدرات، سندمر المكتبات، ونحارب الجامعات، ونفتتح الملاهي الليلية، وننشر العيون والخون، في الشوارع وفي المختبرات العلمية، الأمر بسيط كل ما في الأمر أن يد الشيطان في عالم الفرقة قوية.
وبناءً على هذه السياسة تبقى هذه الشعوب في قعر الحفرة في هذه الغابة السوداء، بين المفترسين، منهوبة حقوقها، مسلوبة مصالحها، وكل ذلك على مرأى من الآخرين الذين يخافون أن يتكلموا، حتى أن بعض الدول النامية التي تظن نفسها مستقلة، لا تزال تحت السيطرة الكاملة، وربما أضطر لأن أقول الدول العربية وأن أجزم بذلك أيضاً، فهي تقع تحت سيطرة الغرب، ولو كان ذلك بشكل غير مباشر، ذلك أن العصور الوسطى التي عاشتها أوروبا ولم نتدخل نحن بها سوى بمدها بالعلم، نعيشها نحن اليوم و أوروبا وأمريكا يقطعان العلم عنا.
هكذا هم يقتلوننا تدريجياً، مع أنني بدأت ألاحظ أن هناك متنورين متفهمين لا يقبلون بالأمر، إلا أن الأمر خارج عن طاقة بضعة أشخاص، لذلك فإن سلاحنا الوحيد الآن هو العلم والكتاب، ولنرفع راية الاسلام، وتاريخ الاسلام تاريخاً مشرفا لائقاً، بعيداً عن تفاهات الإرهاب، وتسويئ سمعة العرب والمسلمين.
لقد وصلنا إلى ما لم تصل له الأمم، واكتشفنا ما لم تكتشفه الأمم، ويمكنك أن تبحث في الكتب عرب مسلمون وغير مسلمون، مسلمون عرب وغير عرب، والكثير ممن أنجزوا ما كان له الفضل الأعظم على تطور العالم الذي نعيشه، لكن المشكلة ليست في صحة ذلك، فذلك صحيح – أي وجود علماء العرب القدماء- لكن المشكلة في أننا من درجة تفاهتنا أصبحنا نقنع أنفسنا أنه لم يكن هناك يوماً عالم عربي، فلقد أنكرنا هويتنا، هناك الكثير من العلماء العرب الذين ربما لم تسمع عنهم، الكثير الكثير، منهم على سبيل المثال من لم تعرفهم البغدادي، البتاني، وكثر كثر، ومهما ذكرنا هناك الكثير الذين لم نعرف عنهم بعد وربما لن نعرف لما نحن فيه من مصيبة كبيرة يخر لها عظم الفاهمين ويبيض شعرهم.
يمكنك أن تنظر كيف تفرقنا، وهذه سياسة فرق تسد، لا تسود الفرقة، بل تسود الجمعة، لذلك فإن بقاءنا متيقنين بأننا ننخدع، أمر مفيد، فعصفور باليد ولا عشرة على الشجرة، لأن هذه المعرفة وحدها تجبرنا على العمل.
فإنه من جد وجد، ومن سار على الدرب وصل، فعلينا أن نعرف ما لنا وما علينا، وأن ندرس اللعبة التي تدور حولنا، جاعلين من أنفسنا قوة لا يتحكم الغرب بها، انهم يدمروننا ويدينون فعلتهم، والعالم يصدق، علينا أن نعمل بكامل جهودنا، علينا أن نبدأ باستغلال الموارد البشرية، والموارد الطبيعية، وأن لا نصمت على هذه الأمور الفاسدة. فأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان فاسد.
ولعل هذه الأبيات التي كتبتها تصور بعض الأحداث:
بدمشق يا ولدي المآذن أغلقت
وعلى ضفاف النيل ناس فرقت
وإلى العراق بلادها قد خربت
والأرض في صنعاء ست قد غدت
وهنا هي الخرطوم قسمان استوت
لكن هنا الترقيم يوماً ما ثبت
أبكي على بغداد إرثي إذ هوت
والغرب من خلفي يغني في شمت
آه على قدسي الجذور تحطمت
والأرض من تحت المساجد شققت
والقاهرة الأرض الكريمة سممت
فيها الجموع تفككت واستهلكت
(شعر عبيدة محمود ياسين)
_______________________________
تابعونا على نافذة علم
اضغط على السمايل للحصول على الكود: :) =( :s :D :-D ^:D ^o^ 7:( :Q :p T_T @@, :-a :W *fck* x@