السرقة المشروعة
بقلم الكاتب عبيدة ياسين
لقد سهلت النقود على هذا العالم الكثير
من المعاملات، لقد جعلت من الحياة سهلة، بعدما عانت البشرية من صعوبة نظام
المقايضة، لكن النقود أيضاً وسيلة نهب المقدرات والخيرات لأي شعب ضعيف، من قبل
الدول القوية، بشكل شرعي، قانوني، مقبول.
فإن نظام النقود رغم السهولة التي جلبها
على العالم، إلا أنه بعد ظهور النقود الرمزية، التي ترتفع وتقل قيمتها بناءً على
أونصة الذهب، ما هو إلا طريقة للسرقة المشروعة.
يمكننا أن نضع تعريفاً للسرقة المشروعة
بأنها : سرقة الدول، ونهب لخيراتها ومقدراتها، تحت اسم القانون، ودون التعرض لأي
مخالفة.
لكن كيف يتم ذلك؟ إن الأمر ببساطة هو
أنك لو عدت في التاريخ، فإنك ستجد أن النقود كانت
تحفظ قيمتها مهما حصل؛ لأنها نقود مصنوعة من الذهب والفضة والنحاس، فمهما
تقدم الزمن، فإن الذهب هو الذهب.
بصورة أكثر بساطة، إن شراء رطل من
البندورة بقيمة معينة، مكتوبة على ورق، كشراء الرطل نفسه بالذهب، إن كان الذهب
الذي تشتري فيه رطل البندورة، يساوي نفس قيمة العملة الورقية التي تشتري فيها
الرطل.
لكن بما أن النقود تتحكم في طباعتها الدول القوية،
والدول الاستعمارية، فإن أي خلل في النظام الاقتصادي العالمي، يهدد سقوط الاقتصاد
الاستعماري، فإنه وبشكل مباشر تلقائي، سيتم تغيير القوانين، بحيث تبقى القوة
الاقتصادية للدول الاستعمارية محفوظة تماماً.
هذه الدول التي تتحكم بالبنك الدولي
المركزي، من وراء الستار، وتحت عتمة الظلام، دول قوية، استعمارية، رأسمالية، فإنها
تطبع النقود، وتشتري النفط، ثم تصنعه، وتعطيه للدول النامية كمثال، وتحتاج الدول
النامية مالاً أكثر وكمية أكبر من العملات الورقية، لكن ليس هناك مجال غير
الاستدانة من هذه الدول، حيث أن الدول النامية تصبح مدينة للدول القوية
الاستعمارية بالمال... وهكذا هي القصة.
فتتدخل الدول الاستعمارية بشؤون الدول
المدينة لها بالمال، وهكذا، تكراراً حتى تصبح تبعية الدولة تامة للدولة المستعمرة،
فهذه سياسة شيطانية للسيطرة على اقتصاد العالم.
فعندما تشتري القمح بالذهب، فإنك أخذت
بدل القمح شيئا له قيمة، لكن ببساطة فإن الورق ليس كالذهب، حتى لو كانت قيمة
الورقة الواحدة تساوي طن ذهب، أو فضة.
فالأمر يتركز في استبدال القيمة في
القيمة، فأنت تشتري خمسين غراماً من الذهب، ب40 دولار مثلاً، لكن رغم اتفاق العالم
على هذا السعر إلا أن قيمة الذهب أو الخمسين غراماً لا تساويها أوراق الأربعين
دولاراً.. فهذه الأوراق تطبع كل يوم، لكن الذهب ليس موجوداً كل يوم، بمعنى أنك
تشتري 50 برميلاً من النفط بكذا من الذهب، فأنت لم تخسر شيئاً، لأن الذهب يحفظ
قيمته دائماً، في حين أن الدولار يتغير باستمرار، وهكذا، تطبع النقود، ويذهب
النفط، مقابل عملات معدنية، بذلك أصبح من السهل الحصول على النفط بمجرد أوراق وحبر
ملون.
ولو عدنا في الماضي، لوجدنا أن الإسلام
كان يسير على العدل، فأنت تتعب من أجل الحصول على الذهب، تحتاج لتحضيره وتصنيعه
واستخلاصه، ثم تصبح له هذه القيمة، في حين أن الدولار مجرد أوراق رمزية، تطبعها
الدول الاستعمارية، والتي تقودها الحركات الصهيونية والماسونية، من أجل سرقة
مقدرات الدول، وإن هذه الطريقة الأسهل للحصول على النفيس، بأرخص الأشياء، وطبعاً
بما أن البنك المركزي يصدر لكل دولة مقدار معين لتطبعه من النقود، فإن الخدعة
تستمر بطريقة قانونية، رسمية.
هذا وقد أصبح لدينا تعريف للعملة
الورقية : بأنها وسيلة جديدة، سهلت السيطرة على مقدرات الشعوب، وفتحت الطريق أمام
الدول المستعمر للسرقة تحت ظل القانون.
فإنك حين تدفع 400 دولار مقابل برميل
نفط، تسير تحت ظل القانون، تبادل الورق بالنفط، لكن اكرر مرة أخرى لأنك قد تقول
بأن هذا الأمر متفق عليه من جميع دول العالم، هذا صحيح؛ لكن ليس كل اتفاق لصالح كل
الأطراف، فإن البنك المركزي يصدر لكل دولة أمراً لطباعة كمية معينة من النقود، حسب
صادراتها ومعاملاتها، ووارداتها، وأمور تجارية واقتصادية، وبكل تأكيد ما دام هذا
النظام الذي جعل السرقة أول خطواته، فإن مقدرات الدول ستضيع، وستصبح هذه الدول
مدينة للاستعمار، وسيتدخل الاستعمار بطريقة مشروعة قانونية رسمية في شؤونها
الداخلية، وبالتأكيد لصالحه.
اضغط على السمايل للحصول على الكود: :) =( :s :D :-D ^:D ^o^ 7:( :Q :p T_T @@, :-a :W *fck* x@