أي الأديان احق بالإيمان؟
إنما الصراع الدائم بين الإلحاد والأديان، ليس يساوي شيئاً أمام صراع الأديان، أو تصادم أفكار الأديان، وتضادها في بعض الأحيان، فالإلحاد وبكل ثقة أقولها يسقط أمام الدين، لكن ليس أي دين، إنما الدين المنطقي الحقيقي الصحيح، الواقعي، الإلهي، الذي يجيب على كل سؤال، الذي يملأ فراغ السؤال، بالجواب الشافي، بالجواب الكامل الذي ليس عليه رد، وإن كان، فعلى رده ردٌ أيضاً.
قبل ذلك، في مقالة " فطرية النقص الروحي في الإنسان " ، تكلمت عن أهمية الروحانية للإنسان، فهي جزء منه، وقطعة لا يمكن استئصالها من كيانه، وهي التي تجعل الملحد الذي عمل على استئصالها في ذاته مشوشاً، وهذه حقيقة واقعية.
إضافة إلى ذلك أود أن أقول: أن الدين ضرورة اجتماعية، وأمر لا تنهض بدونه المجتمعات، فالدين هو العامل الرئيس الذي تقوم عليه أي حضارة، وكثير من الحضارات بل كل الحضارات التي كان لها دورها في بناء العلم البشري والمعرفة الحضارية، كانت تجعل الدين في محور كيانها.
فعلى مر التاريخ، لم تقم حضارة بدون دين في محور كيانها، بدون عقيدة تستند إليها، فالشيوعية لا تقيم الحضارات، أنا أعني أنه من المنطق، أن يكون الدين الصحيح، مراعيا للأديان الأخرى، كما الإسلام، ففي كل فكر، تجد محاسنه موجودة في الإسلام، بل وأفضل منها، فالشيوعية فكرة متأخرة بالنسبة للإسلام، وأفكارها بالية عند وضعها في الميزان أمام الدين الإسلامي... يقول الله تعالى في كتابه العزيز :
((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي..)) (البقرة - 256)
فها هو الإسلام، يقول لنا، لا إكراه في الدين،وكل إنسان حر بعقيدته، وفي سورة الكافرون، في كتاب الله العزيز، يظهر لنا أيضاً كيف يخبرنا الله أن كل إنسان حر بدينه، لكن الآن، أود أن أكلم عن الأديان بشكل عام.
فالأديان قديمة قدم التاريخ نفسه، وهي الأمر الوحيد الذي عاصره سيدنا آدم، وعاصرناه نحن، بمعنى، أن الأديان جزء لا يتجزأ من المجتمعات، وهو ضرورة مجتمعية، يقول محمد الغزالي :
" يذهب بعض المثقفين الذين لم يتعمقوا في دراسة الأديان، ولم يتشربوا تعاليمها السامية، إلى أن الأديان لا تنهض إلا بين الشعوب البدائية. وأن المدنيات الحديثة – بما تحمله من قوانين تشريعية، ومبادئ أخلاقية، ومذاهب فلسفية، واتجاهات علمية – تغني عن اعتناق الأديان. وهو خطأ شنيع، لأن الدين فطرة أصيلة في النفوس البشرية، لا يغني عنها قانون ولا فلسفة ولا تثقيف. " (19)
إذن، فالإيمان ضروري للفرد وللمجتمع، لأن إيمان المجتمع كاملاً بأمر معين، يعمل على تراصه، أو خضوعه لقانون معين، يعمل على توحيده، لكن قد يكون توحيد المجتمع مدمراً وقد يكون صالحا، صالحا متى كان الدين الذي توحد عليه صالحا، إن المجتمع يقود نفسه نحو الدمار طالما كان الدين الذي يقوده غير منطقي غير عقلاني. وضروري للفرد الذي يجد ذاته فيه، ويملأ روحه، ويرقى بنفسه... وليس الدمار الذي قد يجلبه الدين الطالح الغير منطقي في مبادئه واعتقاداته بمعناه الحرفي دمارا، أي انه ليس فقط تهديم الحضارة، إنما تخريب سمعة الحضارة في التاريخ مهما امتلكت من العلوم والثقافة...بالأفعال التي يمليها عليها دينها..ومثل ذلك، أنه يمكنني القول، أن التاريخ أخذ رشوة من المسلمين فلم يسجل أي شيء ضدهم،لكن آلاف الأحداث سجلت ضد الصليبيين.
لكن ما الأمور التي تحكم على صحة دين وخطأ آخر، والتي يمكن من خلالها أن نعلم أن هذا الدين صحيح في هذه النقطة، وخاطئ في هذه النقطة، إنها أمر واحد، ببساطة، أن يتوافق الدين مع الحياة، هذا الأمر وحده كافي بالحكم على صحة دين من عدمه..أن يتوافق الدين مع العلم، مع الدنيا، مع الأزمان كافة.. وبقوة أقولها مع العقل.
فالدين الذي يقوم على عبادة صنم، هو دين غير منطقي، أبداً، والدين الذي يقوم على عبادة الشمس، منطقي لفترة من الزمان، وهي الفترة التي كان معروفاً فيها عند البشر أن لا شيء مثل الشمس، أو لحين ظهور دين أكثر منطقية، بنبي، أو بمدعي نبوة، بمدعي جديد للألوهية.
فالأديان يمكن وضعها في نمط معين، يكون فيها الإسلام أول دين من حيث المنطقية، ونتدرج حتى نصل لآخر دين في هذا النمط، هكذا فعلاً، لأن أفكار وتعاليم الإسلام في الحقيقة هي أٌقرب الأفكار للمنطق العقلي، وللمعرفة البشرية، ومهما ظهر من العلوم، نلاحظ أنها تؤكد أكثر فأكثر أن الإسلام دين صحيح وحقيقي تعاليمه من السماء، بعيدة كل البعد عن الإدعاءات والأساطير.
ولو أردنا أن نقارن أي دين بالإسلام لوجدنا أن الدين الإسلامي أفضل الأديان، وهو الذي تقوم عليه معايير اقتراب الدين من الصحة، وابتعاده عنها.
مثلاً:
1- وجود إله واحد فقط.
2- توافق أفكاره مع العلم والنظريات الحديثة.
3- الروحانية التي يجلبها على معتنقيه.
4- سماحته مع الأديان الأخرى
5- القتال فقط للدفاع عن الدين والدعوة.
ولندرس بعض هذه النقاط التي تعتبر من تعاليم الإسلام، أولا : وجود إله واحد فقط، إن هذه النظرة في ميزان العقل هي أفضل نظرة، لأنه لو كان هناك عدة آلهة لتضاربت القوى الأزلية، ولحدثت حرب الآلهة، والمشكلة يمكن ظهورها في تعدد الآلهة الخارقة ببساطة، هي أنه لو كانت إرادة الآلهة مختلفة، أي إرادة تنفذ؟
إذا قلنا كما في عقائد الفايكنز واليونان والفراعنة أن الآلهة تتصارع فهذا يعني تشبيه الآلهة بالبشر، وهذا طعن في حرمة الألوهية.
ثانياً: القتال فقط للدفاع عن الدين والدعوة، هذه الفكرة من الأفكار المهمة في الدين الإسلامي، والتي أيضاً تعد توضيح للنقطة الرابعة (( سماحته مع الأديان الأخرى)) حيث تدعو هذه النقطة، أو تدعو هذه الفكرة إلى حوار الأديان، لذلك كان المسلمون يقاتلون ويخرجون للفتوح متى ما اعترضت دعوتهم، نحن ندعوك للدعوة، إن اعترضت طريقنا قاتلناك، لن نفتح بلادك ما دمت تسمح لنا بالدعوة، وهذه حقيقة نظرة جيدة وجزء يؤكد تأكيد الإسلام على أنه دين صحيح، فالله عندما وضع تعاليم الإسلام كان يعلم انه حتى لو لوم يقاتل المسلمون فإن الدعوة ستفتح لهم البلاد....
لذلك، فإن الدين الذي يمكن أن يحسب على الإلحاد هو الإسلام وحده، من بين آلاف الديانات، فالصراع بين الإلحاد والديانة هو بين الإسلام والإلحاد، لأن هناك الكثير من الذين ألحدوا عن المسيحية وأسلموا بعد ذلك... فالصراع بين الإلحاد والدين، هو الصراع بين الإسلام والإلحاد، لأن الإسلام أحق الأديان بالإيمان.
بقلم عبيدة محمود ياسين
بقلم عبيدة محمود ياسين
اضغط على السمايل للحصول على الكود: :) =( :s :D :-D ^:D ^o^ 7:( :Q :p T_T @@, :-a :W *fck* x@